اعراب قصيدة حي الشآم؟

اعراب قصيدة حي الشآم، هو ما نسعى الى التكلم عنه اليوم بشكل مختلف وعميق من اجل الوصول إلى أكثر استفادة لزوار موقعنا الكرام.

 

اعراب قصيدة حي الشآم:

اليك يا اخى الشرح والاعراب :

هذا الذي اشتاق الكرى تحت الثرى  كي لا يرى في جلق الأغرابا
***

 على حد قول شاعرنا إيليا أبي ماضي، وإيليا أبو ماضي يا طلابنا الأحباب أحد الشعراء المهجريين، الذين عبّروا عن إحساسهم الوطني، وانتمائهم القومي في نتاجهم الشعري، والنص الأدبي اليوم لهذا الشاعر، يحيي فيه ديار الشام، و يذكر البطل الشهيد يوسف العظمة، وهو مجتزأ من قصيدة طويلة ألقاها في دمشق الشام حينما زارها في آخر أيام حياته، يقول الشاعر:

 

***
حيِّ الشآم مهندا و كتابــــــا والغوطة الخضراء و المحـــرابا
و اهبط على بردى يصفق ضاحكا يستعطف التلعات و الأعشــــابا
بأبي وأمي في العراء موسّـــد بعث الحياة مطامحا و رغــــابا
لما ثوى في ميسلون ترنحـــتْ هضباتها و تنفست أطيــــــابا
هذا الذي اشتاق الكرى تحت الثرى كي لا يرى في جلق الأغــــرابا
و إذا نبا العيش الكريم بماجـــد حرٍّ رأى الموت الكريم صــــوابا
***

 يا طلابنا الأعزاء، سأشرح لكم النص بيتا بيتا، و سأدرسه دراسة فنية عابرة، لأقف بعدها عند إعراب بعض الكلمات و التراكيب، لأنني أشعر أنكم بمسيس الحاجة إليهما.
نأتي الآن على شرح الأبيات بيتا بيتا، وقبل أن أشرح البيت أحلل كلماته و تراكيبه و مصطلحاته وصوره الأدبية، أو الوصفية، و بعدها أنتقل لشرحه شرحا أدبيا.
البيت الأول:

 

 

***
حيِّ الشآم مهندا و كتابــــــا  والغوطة الخضراء و المحـــرابا
***

 “الشآم” اسم من أسماء الشام، “المهند” هو السيف، والسيف المهند هو السيف المصنوع في الهند، و الهند مشهورة بصنع أجود السيوف، المهند هنا كناية عن شجاعة أبناء الشام، و”كتابا” كناية ثانية عن أن الشام موطن للعلم والعلماء،” المحراب ” أيها الطلاب هو صدر المجلس، ومحراب المسجد صدره، والمحراب كناية عن مسجدها الجامع الأموي، معنى البيت الدقيق: الشاعر في هذا البيت يحيّي من الشام أبطالها وعلماءها و غوطتها و مسجدها.
 إليكم يا طلابنا الأحباب شرح البيت شرحا أدبيا: يحيي الشاعر دمشق الشام، ويحيي أبطالها العظام الذين عُرفوا بمروءتهم وشجاعتهم، ويحيِّي علماءها الكبار الذين نشروا نور المعرفة والإيمان، ويحيي أيضا غوطتها الغناء، إحدى معالمها الجمالية، ويحيي أيضا جامعها الأموي رمزا لدمشق الأموية التي أشعّت على العالم ضياء العلم والحضارة.
ننتقل الآن إلى البيت الثاني، يقول الشاعر:

 

 

***
ليست قبابا ما رأيت و إنمــــا  عزم تمرد فاستطال قبــــــابا
***

 “استطال” أي طال، وزن استفعل في اللغة يعني أشياء كثيرة، أبرز هذه الأشياء يعني الطلب، فاستغفر أي طلب المغفرة، ويعني أيضا المطاوعة، أرحناه فاستراح، و” إنما” أداة قصر، ومعنى القصر أي قصر شيء على شيء، فقول الشاعر:

 

 

*** إنما العتاب عزم تمرد ***

 أي قُصِرت القباب على هذا المعنى، و” عزم تمرد ” صورة أدبية، وهي استعارة مكنية، لأن العزم لا يتمرد، و لكن الإنسان هو الذي يتمرد، شبّه الشاعر العزم بالإنسان وحذف المشبَّه به، و أبقى بعضا من لوازمه وهو التمرد.
ينطوي البيت أيها الإخوة على رؤية خاصة للشاعر، إذ أنه يرى ما لا يراه الناس، فماذا يرى يا تُرى .
 شرح البيت: ويتطلع الشاعر إلى تلك القباب التي تضجُّ بها دمشق، فلا يراها قبابا، بل يراها عزما قويا، وإرادة صلبة، استطالت وتشامخت نحو العلاء لتصافح السحب في السماء.
البيت الثالث:

 

 

***
واهبط على بردى يصفق ضاحكا  يستعطف التلعات والأعشابا
***

 “التلعات” جمع تلعة – بتسكين اللام – والتلعة ما ارتفع من الأرض.

 

 

***
…….. بردى يصفق ضاحكا  يستعطف التلعات والأعشابا
***

 هذه صورة أدبية، فالشاعر استعار التصفيق والضحك و الاستعطاف للنهر، وهذه استعارة تمثيلية، و تسمى أيضا التشخيص، والتشخيص هو خلع صفات إنسانية على أشياء غير إنسانية، وهناك التجسيد، هو خلع صفات مادية على أشياء معنوية.
إليكم شرح البيت:

 

 

***
واهبط على بردى يصفق ضاحكا  يستعطف التلعات والأعشابا
***

 ثم يأتي الشاعر على وصف نهر بردى الخالد، وهو يجري بمائه العذب السلسبيل، مستقبلا زائريه بوجه باشٍّ ضاحك، ويدين هاشتين مصفقتين، يوزع بهما الخيرات على ضفتيه، لكم أن تقول ضَفتين أو ضِفتين، كلهما صحيح، يوزع بهما الخيرات على ضفتيه فتنقلب سندسية خضراء، ثم هو يتمسح بهذه الأعشاب في براءة الأطفال وعفويتهم، ويستعطف تلك الروابي الشامخة لتحنو عليه، ولتظله بأشجارها، فتقيه وهج الحرِّ وأذى البرد.
ننتقل إلى البيت الرابع، يقول الشاعر:

 

 

***
بأبي وأمي في العراء موسّد  بعث الحياة مطامحا و رغابا
***

 “بأبي وأمي” أي أفدي الشهيد بأبي وأمي، وهي عبارة فداء متداولة على ألسنة العرب، ” العراء” الفلاة، ” توسد العراء” أي جعل العراء وسادة له، سقط شهيد فكانت الأرض مهادا له، ” مطامح” جمع مطمح، وهو الشيء الذي يطمح إليه الإنسان، ” رِغاب” هذا غلط شائع، ويؤسفنا أن يرِد مثل هذا الخطأ في هذا البيت الجميل، صواب الرغاب الرغائب والرغبات، أما الرغاب فهو الشيء الواسع، أو الجرح الثخين.
شرح البيت:

 

 

***
بأبي وأمي في العراء موسّد  بعث الحياة مطامحا و رغابا
***

 ويفتدي الشاعر بأبيه وأمه ذلك الشهيد البطل، الذي سقط في ميسلون، فجعل ثراها مهادا له، وقد بعث استشهاده حياة متدفقة في الأجيال اللاحقة، بعث فيهم روح التضحية والإيثار، بعث فيهم العزة والإباء، لقد جعلهم يطمحون إلى حياة حرة كريمة، و يرغبون إليها.
البيت الذي بعده:

 

 

***
لما ثوى في ميسلون ترنحتْ  هضباتها و تنفست أطيابا
***

 كلمة ” ثوى” معناها أقام، و لها معنى آخر مات، والمثوى الأخير هو القبر، والمثوى المؤقت هو البيت، ” ترنحت ” أي تمايلت، نشوة أو سكرا، “ترنحتْ هضباتها و تنفست أطيابا”، هذه صورة أدبية، فقد استعار الشاعر الترنح للهضاب، كذلك استعار لها التنفس، وهي استعارة مكنية تمثيلية.
شرح البيت: يقول الشاعر:

 

 

***
لما ثوى في ميسلون ترنحتْ  هضباتها و تنفست أطيابا
***

 وما إن استقر جسد هذا الشهيد في أرض ميسلون، حتى تمايلت تلالها طربا، وفرحا، لأن تشرفت بضم جسده الطاهر، وتنفست وهداتها شذًى طيبا، ترحيبا بذلك الشهيد البطل.
ثم ينتقل الشاعر فيقول في البيت السادس:

 

 

***
هذا الذي اشتاق الكرى تحت الثرى  كي لا يرى في جلق الأغــــرابا
***

 “الكرى” هو النوم، يقال: داعب الكرى أجفانه، الكرى هو النوم، و” الثرى” هو التراب، يقال: أين الثرى من الثريَّا، أي ما أبعد الفرق بين الثرى والثريا، ” جلق” هو الحصن، أو أحد أسماء دمشق، ” الأغراب” يقصد بهذه الكلمة الشاعر الفرنسيين المستعمرين، و لكن الأغراب أيضا أيها الطلاب الأعزة غلط شاع، ثوابه الغرباء.
على كل شرح البيت:

 

 

***
هذا الذي اشتاق الكرى تحت الثرى  كي لا يرى في جلق الأغرابا
***

 يقول الشاعر: هذا هو البطل الذي آثر أن يسقط شهيدا، و يتوسد الثرى، عن أن يرى وجه مستعمر غريب في أرض الشام الحبيبة.
ثم ننتقل يا طلابنا الأحباب إلى البيت الأخير، الذي هو حمية نضالية، يقول الشاعر:

 

 

***
و إذا نبا العيش الكريم بماجد  حرٍّ رأى الموت الكريم صوابا
***

معنى كلمة” نبا” أي تجافى و تباعد، أما كلمة ” ماجد” فمعناه أنه ذو مجد، والمجد هو العزة والرفعة.
 شرح البيت: ويختم الشاعر أبياته بحكمة عامة نضالية، فيقول: إن الرجل الحر الأبي يؤثر أن يموت عزيزا كريما عن أن يعيش ذليلا مهانا، وكأن لسان حاله يقول مع المتنبي:

 

 

***
عش عزيزا أو مت وأنت كري م بين طعن القنا وخفق البنودِ
***

يا طلابنا الأعزاء، بعد أن أتيت على شرح الأبيات تحليلا، و شرحا أدبيا بيتا بيتا، أنتقل فأشرح لكم، أو فأدرس النص دراسة فنية مقتضبة.
 الأفكار: أفكار النص الأساسية فكرتان وحكمة، ففي البيت الأول والثاني و الثالث يحيي الشاعر أبناء الشام وغوطتها، ومسجدها، و يصف برداها العذب السلسبيل، وفي البيت الرابع والخامس يصف الشهيد البطل يوسف العظمة، يصفه بالبطولة والشجاعة والتضحية، وأما البيت الأخير فهي حكمة نضالية كما قلت قبل قليل:

 

 

***
و إذا نبا العيش الكريم بماجد  حرٍّ رأى الموت الكريم صوابا
***

 أما العاطفة، ففي النص مشاعر الفرح والإعجاب، وفي النص مشاعر الحسرة والإكبار، مشاعر الفرح بلقاء الوطن الحبيب، ومشاعر الإعجاب بأبنائه وجماله ومسجده، ومشاعر الحسرة لاستشهاد هذا البطل العظيم، ومشاعر الإكبار بهذه التضحية، وهذا الإيثار، هذه هي المشاعر التي في النص، طبعا العاطفة العامة في النص شوق وحنين، وعاطفة وطنية.
 وإذا ما انتقلنا إلى الصور الأدبية فنحن في أثناء شرح الأبيات وقفنا عندها واحدة واحدة، وبقي علينا أن نصدر عليها بعض الأحكام، يمكن أن نجمل خصائص هذه الصور بأنها صور حسية، بصرية، فيها تشخيص وحركة وحياة، وأما الأسلوب اللفظي، ونعني به الصياغة اللفظية فنجد أن الألفاظ واضحة ومناسبة للموضوع و موسيقية، ” مهندَا”، ” كتابا”، ” الغوطة الخضراء”، “المحرابا”، ” يصفق ضاحكا”، ” يستعطف التلعات”، ” ترنحت هضباتها”، تنفست أطيابا”، و” الكرى ” و” الثرى”.
وأما التركيب فهي أيضا واضحة وموسيقية، وربما جاءت موسيقاها من توازنها، وهي موزعة كما ترون بين الخبر والإنشاء، ” حيّ الشآم” إنشاء، ” ليست قبابا” خبر، ” اهبط على بردى” إنشاء، ” هذا الذي اشتاق الكرى ” خبر.
والموسيقى مناسبة لجو الموضوع، وفي النص تصريع جميل في قوله:

 

 

***
هذا الذي اشتاق الكرى تحت الثرى  كي لا يرى في جلق الأغرابا
***

 والترصيع يا طلابنا الأحباب هو السجع في الشعر.

 

 

***
هذا الذي اشتاق الكرى تحت الثرى  كي لا يرى في جلق الأغرابا
***

 ذكرت في مطلع الدرس أنني سأدرس هذا النص دراسة فنية مقتضبة، لأنني أزمع أن أقف وقفة متأنية عند إعراب بعض الكلمات والجمل، لأنكم بحاجة إليها.
الآن إلى إعراب بعض الكلمات والجمل:
 حيِّ: فعل أمر، مبني على حذف حرف العلة، وأذكركم بأن القاعدة أن الأمر يُبنى على ما يُجزم به مضارعه.
ليست قبابا ما رأيت.
ليس: فعل ماض ناقص، التاء تاء التأنيث الساكنة.
قبابا: خبر ليس مقدم منصوب،
ما: اسم موصول، بمعنى الذي، مبني على السكون في محل رفع اسم ليس.
 رأيت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرك، الأفعال الماضية تُبنى على السكون إذا اتصلت بها ضمائر رفع متحركة، والتاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل، طبعا الضم والفتح والكسر هذه مصطلحات البناء، وأما الرفع والنصب والجر هذه مصطلحات الإعراب.
 إنما: كافّة ومكفوفة، سميت كذلك لأنّ إنّ مكفوفة، وما كفّتها عن العمل، تعلمون أنّ إنّ تنصب الاسم وترفع الخبر، فإذا دخلت ما على إنّ أو إحدى أخواتها كفّتها عن العمل، ونسميها عندئذ كافة ومكفوفة، إنما، أنما كأنما لكنما ليتما لعلما.
بقي علينا:

 

 

***
ليست قبابا ما رأيت و إنما  عزم تمرد فاستطال قبابا
***

قبابا: تمييز منصوب.
ضاحكا: حال منصوبة، الحال مؤنث، حال منصوبة، وعلامة نصبها الفتحة الظاهرة على آخره، ولا تنسوا أن الحال نكرة مشتقة، تصف الفاعل أو المفعول به في أثناء وقوع الفعل، لا تقولوا: أثناء، في أثناء، هذا خطأ شائع.
أما كلمة ” موسد ” فهي مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة، والقاعدة تقول: إنه يتقدم الخبر على المبتدأ إذا كان المبتدأ شبه جملة، و شبه الجملة هو الظرف والجار والمجرور، فإذا كان المبتدأ شبه جملة يتقدم الخبر على المبتدأ.
هذا الذي.
الذي: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر، هذا الذي، ارتحنا عند هذه الكلمة، فإذا لم يتم المعنى عندها فهي بدل.
وإن أتاك اسم معرّف بأل بعد إشارة فعطف أو بدل
 تقول: هذا الرجل كريم، فكريم هي الخبر، والرجل بدل، أما هنا هذا الذي اشتاق الكرى تحت الثرى، إذًا الذي اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر.
كي لا يرى.
 كي: حرف ناصب، والنواصب تعرفونها، أن، لن، إذن.
لا: حرف نفي.
يرى فعل مضارع منصوب بكي، وعلامة نصبه الفتحة المقرة على الألف منع من ظهورها التعذر.
و إذا نبا العيش الكريم بماجد حرٍّ رأى الموت الكريم صوابا
 صوابا: مفعول به ثان منصوب، ولا تنسوا أن رأى القلبية تنصب مفعولين به، أما رأى البصرية فتنصب مفعولا به واحدا.
والآن إلى إعراب الجمل:
 جملة ” يصفق ضاحكا” هذه جلة فعلية، في محل نصب حال، ولا تنسوا أن الجمل بعد المعارف أحوال، والمعارف سبعة، يجمعها هذا البيت:
إن المعارف سبعة فيها كمُلْ أنا صالح، ذا ما الفتى ابني يا رجل
 “أنا” الضمير، ” صالح” اسم علم، “ذا” اسم إشارة، ” ما” اسم موصول، ” الفتى ” معرف بأل، ” ابني” مضاف، ” يا رجل” المنادى”.
“بعث الحياة مطامعا”: جملة فعلية في محل رفع صفة لـ ” موسد”، ولا تنسوا أن الجمل بعد النكرات صفات، هذه قاعدة ثانية.
 ” اشتاق الكرى”: جملة فعلية لا محل لها من الإعراب لأنها صلة الموصول، الجمل بعد أسماء الموصول ليس لها محل من الإعراب، هذا الذي اشتاق الكرى.
” نبا العيش الكريم”: جملة فعلية في محل جر بالإضافة، لأنها جاءت بعد إذا، وإذا نبا العيش الكريم بماجد حرٍّ .
” رأى الموت الكريم صوابا”: هذه جملة فعلية ليس لها محل من الإعراب، لأنها جواب شرط غير جازم، إذا في مطلع البيت.

 

ارجو ان نكون قد وضحنا كافة المعلومات والبيانات بخصوص اعراب قصيدة حي الشآم، ولكن في حالة كان لديكم تعليق او اقتراح بخصوص المعلومات المذكورة بالأعلى يمكنكم اضافة تعليق وسوف نسعى جاهدين للرد عليكم.