اعراب قصيدة مدح زين العابدين للفرزدق؟

اعراب قصيدة مدح زين العابدين للفرزدق؟

اعراب قصيدة مدح زين العابدين للفرزدق، هو ما نسعى الى التكلم عنه اليوم بشكل مختلف وعميق من اجل الوصول إلى أكثر استفادة لزوار موقعنا الكرام.

 

اعراب قصيدة مدح زين العابدين للفرزدق:

هذا هو الشرح وقريبا الاعراب :
  هذا الذي تعرف البطحاء وطأته
والبيت يعرفه والحل والحرم
أراد الفرزدق أن يعرّف هشام، أو يذكّره بأن هذا الرجل، ليس نكرة، فهو معروف لدى مكة المكرمة كلها، ومنها بيت الله الحرام، ومواقع الحل، ومواقع الإحرام.. فالبطحاء هي ”أرض مكة المكرمة“، بحلّها وحرامها، تعرف رجله ودخوله، وبيت الله يعرفه ايضا.. وإذا كان هشام بن عبدالملك زعم أمام الناس أنه لا يعرف هذا الرجل الذي حظي باحترام الكل، فليس أدل على جهله، فمكة الطاهرة  بحلها وحرمها  بالإضافة الى بيت الله تعرفه وتعرف وطأته، ما يدل  بلا شك  على إيمان هذا الرجل، وعمق علاقته بالمولى جلّ شأنه، بدليل كثرة تردده على هذه المواقع المقدسة.
إن مصادر الفخر كثيرة وعديدة، منها المال والجاه، لكن أول وأهم ما يفخر به العبد على غيره من عباد الله هي علاقته وقربه من الله جل شأنه، لذلك لم يبدأ الفرزدق بشيء في الحديث عن هذا الرجل، غير أنه على علاقة وطيدة بالمولى وبالمقدسات الإلهية، فكان أول إجابة على السؤال الهشامي، الاستنكاري طبعا.
وقد أوصل الشاعر هذه الفكرة بصورة فنية لافتة، تتمثل في الاستعارة المكنية التي تتمثل في جعل الأرض والكعبة على هيئة بشر ذات معرفة وذاكرة، التي تعرف ”وطأة“ علي السجاد، وهي الجماد، ولم يقل  باللفظ الحقيقي  ان السجاد هو الذي يعرف هذه الأرض، لكثرة ترددّه عليها.. فالحل «المواقع في أطراف مكة التي يحق لقاصد مكة ان يصلها بدون إحرام»، يعرفه حينما يأتي من خارج مكة لأنه من سكان المدينة المنورة، والحرم يعرفه أيضا لأنه ملتزم بشعائر الله، فلا يدخل مكة الا محرما، والبيت يعرفه أيضا لأنه يأتي مكة المكرمة للتجارة مع الله، لا لغرض آخر، والعرف يقول أن الأرض تعرف من يكثر التردد عليها، وإن رجلا تعرفه كل هذه المواضع هل يكون مجهولا
***
2  هذا أبن خير عباد الله كلهم
هذا التقي النقي الطاهر العلم
حينما ابتدأ الشاعر بوصف زين العابدين، جاء بإسم الإشارة ”هذا“ وهو الإسم الذي يدل على القريب، بخلاف ذلك، وذاك وتلك، فهي اسماء أشارة للبعيد، وذلك للدلالة على ان هذا الرجل قريب من الناس، معروف لديهم، وما أقوله أنا «الفرزدق» هنا نوع من الإضافات لمن لا يعرف، او لمن لا يريد أن يعرف، وكأن الفرزدق أراد الإشارة الى جهل هشام أو تعمّده الجهل، بدليل أنه لم يعرف هذا الرجل الذي هو ابن خير عباد الله كلهم، أي ابن رسول الله، فهل أحد بموقع هشام يجهل ابن نبيّه
وهنا نقطتان أرى من الجدير التوقف عندهما:
أولا: ارد الفرزدق أن يوجه طعنة نجلاء لهشام حينما تحدث عن ”خير عباد الله كلهم“، وهو الذي يفخر بأصله الأموي، الذي وصفه به شاعرهم جرير بقوله: ”ألستم خير من ركب المطايا“، بالتالي فإن جهل هشام وفخره باتا في خبر كان بعد هذا الوقف، فهذا الرجل ابن رسول الله.
ثانيا: رغم طهارة النسب، وعلو قامته، إلا أن صفات شخصية أخرى يتصف بها هذا الرجل تزيده فخرا على فخر، تتمثل في كونه ”تقيا، نقيا“، وكلا الصفتين تحملان العديد من المعاني خلاصتها ان زين العابدين من أهل التقوى، أي لا يجده الله الا طائعا، ولا يراه عاصيا، بل هو على درجة عالية من الطهارة، بلغت درجة النقاء، التي لا يدنسه شيء، من الناحية المعنوية والمادية على حد سواء، فوق هذا وذاك فهو سيد في قومه.
خلاصة هذا البيت «باختصار» أن عليا السجاد يفخر  على لسان الفرزدق  من خلال النسب المتصل برسول الله، وعلي بن ابي طالب، والحسن والحسين، وفاطمة، وكذلك من خلال التقوى والإيمان والطهارة المادية والمعنوية، وليس هذا وحسب، بل هو كبير المتقين الطاهرين، وذلك مصداق الدعاء الوارد في آية من القرآن الكريم: ”واجعلني للمتقين إماما“، وتلك إشارة من الشاعر الى الحاكم بأنك أيها الحاكم تتعمد تجاهل شخصية غير عادية، وهذا ظلم.
***
3  هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله
بجدّه أنبياء الله قد ختموا
بعد عرض أهم صفات الإمام السجاد الخلقية، يدخل الفرزدق في شيء من التفاصيل، فيورد حقيقة واضحة أخرى، لا لبس فيها ولا خلاف عليها، فهذا الرجل  إذا كنت يا هشام جهلت او تجاهلت أخلاقه وتدينه وإيمانه  فهو ابن فاطمة الزهراء، وجدّه محمد بن عبدالله «خاتم الأنبياء»، ولا فخر بنسب بعد هذا النسب.
وحينما يتحدث شخص لآخر، فيورد البديهيات، ويعرض الحقائق الواضحة، فهذا يدل  بكل تأكيد  على أن الطرف الآخر في أدنى قيعان الجهل، حيث لا يعرف تلك الحقيقة.. هذا ما فعله الفرزدق، فقد تدرج في إسلوب العرض، ففي البداية قال عنه بأنه من الصالحين المؤمنين المتقين، ثم انتقل إلى انه ابن خير عباد الله كلهم، ثم انتقل إلى التصريح بمن هؤلاء «خير عباد الله كلهم»، وهم محمد ﷺ وابنته فاطمة، وبعلها وأولادها، وكأنه يقول لهشام ”أي جهل عميق وقعت فيه يا هشام، بأن تجهل مثل هذا الرجل الواضح، الذي تعرفه الجمادات، ويعرفه الناس، وإذا كنت مصرّا على جهلك، فإنه ابن رسول الله، خاتم الأنبياء، والمرسلين“، وقد قال بانه ابن فاطمة في إشارة إلى ان هذا الرجل يفخر بأمه وأبيه فضلا عن أبيه وجده.
وهنا ملاحظة أن الفرزدق لم يعلم بأن بعض المشككين سوف يظهرون بعد سنوات طويلة من قراءة هذه القصيدة، ليتحدثوا عن أن الشاعر «الفرزدق أو غيره» لم يمدح زين العابدين، بينما مدح أحد أبناء جعفر الطيار «رضي الله عنه»، ولذلك جرت على لسانه  دون أن يشعر بهذه القصة التي سوف تحدث فيما بعد  وقال بأنه ابن فاطمة، وأبناء جعفر الطيار، مع صلاحهم وسيرتهم العطرة، ليسوا ابناء فاطمة، وإنما هم أبناء اسماء بنت عميس «رضي الله عنها».. إن ورود القصيدة بهذا اللفظ وهذا المعنى ينفي مقولة أن القصيدة قيلت في غير علي بن الحسي

4  وليس قولك من هذا بضائره
العرب تعرف من أنكرت والعجم
هنا، يدخل الفرزدق إلى نقطة الخلاف مع هشام، قال له بأن إنكارك لهذا الشخص عيب فيك، وليس فيه، لأنه شخص معروف لدى الجميع، فما عربي ولا عجمي لا يعرف عليا بن الحسين، وتجاهلك له لا ينقص منه شيئا، أي ليس بضائره «أي لا يضره شيء»، وربما أشار إلى ان زين العابدين عربي من جهة الأب وهو الحسين بن علي وفارسي من جهة الإم.. فهو معروف على صعيد أوسع من مكة المكرمة.
وقد وجّه الفرزدق تهمة صريحة لهشام بأن قول: ”من هذا“، ليس سؤالا استفهاميا، بقدر ما هو سؤال استنكاري، ينطوي على استصغار لهذا الشخص، لذلك لم يكن من الفرزدق إلّا أن رد عليه، بأن الذي انكرت ليس شخصية عادية يمكن تجاهلها، وإنما هو شخصية نموذجية يصعب الوصول لها.
وأضاف الفرزدق صورة أخرى بقول إن الشخصيات العظيمة ذات الشرف الرفيع والإيمان العميق، والطهارة والسمو، لا تضرّها كلمات تأتي من هنا وهناك، بالتالي فإن سؤال ”من هذا“ الاستنكاري، ليس بذي قيمة تذكر في هذا الشأن، اليس غريبا أنك لا تعرف شخصا تعرفه العرب والعجم
***
5  كلتا يديه غياث عمّ نفعهما
يستوكفان ولا يعروهما عدم
بعد أن يقدم الشاعر الصفات المثلى للإمام زين العابدين، وهي الإيمان، والنسب والحسب الشريفين، والسيادة في القوم، يواصل عرض صفات أخرى تأتي نتيجة الإيمان بالله أولا، ومما يتفاخر به العرب ثانيا، فيقول ان الإمام يتسم بالكرم، وأي كرم إنه الكرم الذي لا يختلف عن المطر الذي لا يتوقف ولا ينضب وليس له حد معين..
فكلتا يديه غياث «مطر» عم «شمل واتسع» نفعهما، وهما يستوكفان «يطلبان» ولا يعتريهما أو يصيبهما عدم.. وهنا تشبيه بليغ حيث وصف الشاعر يدي الإمام بأنهما ”مطر“ دون ذكر أي علامة للتشبيه «مثل الكاف أو مثل»، وقد ذكر وجه الشبه وهو عموم النفع وشمولية الطلب، وعدم التوقف عن العطاء. لقد وصف الفرزدق كرم الإمام دون أن يطلق كلمة ”كرم أو جود او سخاء“، وإنما انطلق مباشرة بإطلاق التشبيه والقول بأن الإمام يملك يدين كل واحدة مثل المطر، الكل يطلب عطاءهما، ومع ذلك لا يتوقف هذا العطاء.
لقد أراد الفرزدق القول بأن كرم وسخاء الإمام السجاد ليس محدودا بحد، ولم يقتصر على القرباء، أو أهل المدينة مثلا، وإنما كرمه عام على الكل، فهو معين سماوي لا ينضب، فهل هذا الرجل يمكن إنكاره!

 

ارجو ان نكون قد وضحنا كافة المعلومات والبيانات بخصوص اعراب قصيدة مدح زين العابدين للفرزدق، ولكن في حالة كان لديكم تعليق او اقتراح بخصوص المعلومات المذكورة بالأعلى يمكنكم اضافة تعليق وسوف نسعى جاهدين للرد عليكم.