تحميل قصة دم ودخان لمبارك ربيع؟

تحميل قصة دم ودخان لمبارك ربيع؟

تحميل قصة دم ودخان لمبارك ربيع، هو ما نسعى الى التكلم عنه اليوم بشكل مختلف وعميق من اجل الوصول إلى أكثر استفادة لزوار موقعنا الكرام.

تحميل قصة دم ودخان لمبارك ربيع:

إشكالية القراءة :
ظهرت القصة القصيرة وتطورت نتيجة عوامل موضوعية وذاتية، منها : التفات الكتاب إلى الواقع ونقل قضاياه وحركة الترجمة واهتمام الطبقات الوسطى بالكتابة القصصية وظهور الصحافة وتطورها . وهي فن سردي، ينقل سلسلة محدودة من الأحداث والمواقف، يتميز بقدرته على التقاط تفاصيل الحياة الاجتماعية في بعدها اليومي المعيش.
ظهرت في المغرب في فترة الثلاثينات، واقترن ظهورها بالوظيفة الوطنية ، ومع الاستقلال نضجت وتميزت عن الأشكال السردية التقليدية ، وهيمن عليها الاتجاه الواقعي، فعالجت أوضاع الفلاح والعامل الكادح و المرأة وغيرها من القضايا ( عبد الكريم غلاب ، إبراهيم بوعلو، عبد المجيد بن جلون، ). وفي السبعينات ظهر التجريب والمغامرة فبدأت بخرق القواعد التقليدية للكتابة السردية . (عز الدين التازي، الميلودي شغموم، محمد برادة، أحمد بوزفور، ومبارك ربيع المولود سنة 1940 بقرية بن معاشو قرب البيضاء، الحاصل على الإجازة في الفلسفة سنة 1967، وعلى دبلوم الدراسات العليا في علم النفس سنة 1975، وعلى دكتوراه الدولة سنة 1988. من أعماله : مجموعته القصصية ( سيدنا قدر ) و( حلة الحب والحصاد)، و(البلور المكسور) وروايات (الطيبون) و(رفقة السلاح والقمر) و(برج السعود) و( من جبالنا) . وقد أُخذ هذا النص من مجموعته ( دم ودخان)
فما الموضوع الذي يطرحه الكاتب في هذه القصة وما موقفه منه وما الوسائل الفنية التي وظفها للتعبير عنه
النص متواليات سردية دالة على وقائع وحالات ووضعيات، وعلى برنامج سردي. ووجود السارد، والشخصيات، والأحداث، والإطار الزماني والمكاني، يدخل النص ضمن الفنون السردية. والعنوان مركب عطفي يحيل على حدث مفصلي ومؤثثات، فدم يرمز للحياة والرهبة والموت، ودخان يوحي بضبابية الرؤية ومجهول يخفي مكروها.. وواو العطف تدل على اقتران الدم والدخان بجو مأساوي مرعب. وهي إيحاءات تعضدها مشيرات في بداية النص ونهايته: ” سرت في ذراعه برودة الكحول، وانغرزت شوكة وصوتُ الطبيب يأمره بلُطف “، ” قطرات الدم تتساقط في الزجاجة داكنة مع نبضاته ” ؛ ” بدت له قطع الكبد الملفوف بالشحم … مجرد بقع دخانية أشد كثافة ” حيث يبدو أن دحمان انتقل بسبب الفقر والعيال من فقدان الدم إلى فقدان الوعي والإحساس.
من خلال ملاحظة المشيرات السابقة نفترض أن النص قصة قصيرة، موضوعه اجتماعي ذو بعد إنساني ..
فما هي السمات الفنية المميزة لها وكيف تعبر عن واقع متشعب معقد، وهي الفن القائم على الاختزال بامتياز
اكتشاف المعنى وبناؤه : المتن الحكائي
دحمان رجل فقير، يبيع دمه لمن هو في حاجة إليه مقابل عشرة دراهم، يشتري بها ما تشتهيه زوجته وأبناؤه. ولكن حالته الصحية تضررت بتكرار عملية بيع دمه، فازدادت أحواله النفسية سوءا، وبدأ يفقد صفاء رؤية المحيط الأسري والاجتماعي من حوله، بل وفقد الإحساس بالقيم .. فلم يعد ينفعه تمرد صوت الضمير، أو يعرف للسعادة طعما ..
تحليل النص :
الحدث:
يتضمن المتن الحكائي حدثا مركزا في زمن مكثف (وحدة الحدث) مشحون بأبعاد ودلالات وإيحاءات معبرة،. ويعرض الحدث من خلال لقطة موجزة، ويتأسس على شخصية واحدة يرصد ما يقع لها من أحوال، ويصدر عنها من أفعال، وتعيشه من وضعيات . فهي تبيع دمها حتى تدهورت صحتها، واصمحل وعيها، وتكاد تفقد قيمتها وكرامتها من أجل أن تدفع الخصاص عن أسرتها بأسلوب مهين ومهلك .
القوى الفاعلة :
القوى الفاعلة في هذه القصة هي: دحمان، المعلم علي، الزوجة ، الأبناء ، الطبيب، الممرض، أهل المريضة، الممرضة ذات اليد النعامة ، الرجل المجلبب (الوسيط) ، الفقر ، الضمير… وباستثناء دحمان الشخصية الرئيسية التي تبدو جاهزة ومسطحة بشكل ما تنمو ببطء نحو نهاية بائسة فباقي الشخصيات ثانوية أو عرضية عابرة تحيط بدحمان تصنع مأساته أو تخففها، بيد أن الفقر والإعياء كقوة فاعلة ملازم للحدث والشخصية الرئيسية يتماهى فيهما
البعد النفســــــي : يتمظهر في الوهن النفسي وعدم القدرة على التركيز والشرود الذهني الذي قد يصل حد الإعياء الشديد بسبب تصدع نفسي وصراع داخلي بين دواعي الفقر وداعي الضمير، وبسبب الأمل الخادع في تحسين الوضعيةالاجتماعية الذي يتحول إلى مرض وإحباط وانكفاء وانعزال.
البعد الاجتماعي / المظاهر والعلاقات :
دحمان يقوم بمجموعة من الأدوار والأفعال، منها الدور العائلي الذي يتحدد في علاقة برود عاطفي بينه وبين زوجته، والدور الاجتماعي الذي يتحدد في علاقة الصراع بينه وبين مستنزفيه ، ويحدد وضعه الاجتماعي؛ فهو في حاجة ماسة إلى عشرة دراهم، فقير، جاهل، عاطل عن العمل، متزوج وله أبناء . ويمكننا هذان الدوران من تحديد نوعية العلاقات بين الممثلين، واستغلالها ، خاصة علاقة الصراع في تحديد الحالات والتحولات على مستوى التركيب السردي.
إن القصة تكشف، في بعدها الاجتماعي ـ الواقعي، عن موقف انتقادي ساخر من الفاقة التي ترزح تحتها الطبقات المسحوقة في المجتمع المغربي، ودحمان أحد رموزها الدالة، فهو يعيش وضعية اجتماعية مزرية، وواقعا جائرا مليئا بالإحباط والاستغلال المادي والمعنوي يصل حد اليأس من الحياة، والتخلي عن الكرامة .
القيم والأنساق الفكرية :
إننا لم ندرس العلاقات التفاعلية بين العوامل إلا لنبين ما تُفرزه من أنساق وقيم فكرية، فالنص يعكس قيما إنسانية أصيلة، يمثلها الطبيب والأسرة، وقيما سلبية هجينة تتمثل في استغلال بعض الفئات والمؤسسات للضعفاء في المجتمع . وقد بنى الكاتب الأحداث على شخصية ” دحمان” الذي يتحرك، وتصدر عنه انطباعات، ويعكس أحوالا، أكثر مما تصدر عنه أفعال، إنه مركز العلاقة بين مختلف القوى الفاعلة، إذ يرتبط مع غيره بشبكة من العلاقات تمكن المتلقي من التقاط عناصر الصورة التي يحاول الكاتب رسمها لهذه الشخصية، ومن ثم التفاعل معها . إن العلاقات تمنح القوى الفاعلة الدينامية اللازمة للقيام بالفعل، وتطوير الحدث، وهذه العلاقات يمكن رصدها من خلال النموذج العاملي وفق الخطاطة التالية :

استطاع الكاتب اقتطاع تجربة متميزة من الواقع الاجتماعي من خلال وضعية شخصية متخيلة، وجسد كثيرا من أبعادها الاجتماعية والنفسية بغية رسم صورة لنموذج بشري من صميم الواقع المغربي، والتي نجد معادلها الموضوعي في الشرائح الاجتماعية المهمشة في العالم العربي .
الزمـــن :
نجد في النص صيغا أسلوبية دالة عى الزمن، منها : ” عندما توقف دحمان ” ، ” كان ذلك عندما فُتح الباب ” ،
فزمن القصة يعود إلى مرحلة ماضية من حياة السارد، إذن فهم زمن استرجاعي يعول على الذاكرة. والزمن المهيمن هو الزمن النفسي، حيث التركيز على اللحظة النفسية لدحمان، حين يسرح بذكرياته متأملا متألما. وزمن القصة تعاقبي تتطور الأحداث فيه وفق خط تصاعدي ، رغم أن اللحظة الزمنية الواردة في النص هي لحظة استرجاع مبنية على إبراز الحالة النفسية المزرية لدحمان .
والزمن في النص متعدد الأبعاد :
زمن الحدث : الصباح، ويتجزأ إلى الأزمنة التالية : (زمن الذهاب إلى المستشفى، وزمن الوقوف عند الجزار، وزمن الاسترجاع)
ـ زمن تاريخي : (فترة السبعينات) ، وهو زمن تصاعدي تعاقبي، ويتجه اتجاها تصاعديا يتسلسل من البداية إلى النهاية .
ـ زمن نفسي / داخلي : ويمتد عبر الأقصوصة مجسدا بؤرة تمزق وإحباط ” دحمان ” في مواجهة وضعه المأساوي .
ـ زمن سردي : زمن الكتابة وهو ليس الزمن الذي وقعت فيه الأحداث، إذ ثمة مسافة زمنية بين ما حدث وما يحكى . وزمن السرد يخلط أفعالا متنوعة، ويعمل على تكسير الزمن الخطي / التعاقبي بتقنيات التداعي والتداخل بين الماضي والحاضر، حيث يحضر في النص البناء الدائري الحلزوني . إلا أن القارئ يبقى مشدودا إلى حال الشخصية التي ينقل الكاتب من خلالها الفكرة والموقف، وذلك رغم البون الشاسع بين زمن الحكاية وزمن السرد ، وهذا بفضل عنصر الاتساق . ويبقى القاسم المشترك بين زمن القصة / الحكاية وزمن السرد يتجلى في كونه ذا إيقاع سريع، وخطي .
المكــــــــان :
ـ يدور الحدث في فضاء البيت والمستشفى ومحل الجزار(المعلم علي)، وهي أماكن مغلقة توحي بالأجواء النفسية المتأزمة لدحمان، فالبيت يعكس صورة العوز وانسداد الأفق بأثاثه المتواضع ، كما يشي بانتماء جتماعي بسيط، ومستواه ثقافي متدن، ونمط وعي هش . والبيت مكان للاستقرار النفسي والسكينة والراحة، ولكنه في النص غدا مكانا للمعاناة والاستنزاف والموت . والمستشفى مؤسسة تمنح العلاج والأمل في الحياة، ولكنه في النص أصبح فضاء للاستغلال . والشارع بات مكانا للإرهاق والتعب والصراع ضد الخصوم والشعور بالذل والظلم وتأنيب الضمير.
المكان بؤرة دلالية واحدة، تجسد الرؤية والمقصدية، وهذا ما يضفي عليه سمة التجانس. فالمكان غير متعدد الأبعاد، ومع ذلك يتخذ دلالته الفنية ، رغم مظاهره الهندسية والشكلية التي تظهره بفعل تأثيثه مكانا واقعيا، في إيحائه بالجو العام للقصة (هيمنة الدخان عليه)، وبالفكرة والموقف والمغزى، خطر الفقر ونتائجه . إن الفضاء المكاني مظهر من مظاهر الواقعية في النص .

ارجو ان نكون قد وضحنا كافة المعلومات والبيانات بخصوص تحميل قصة دم ودخان لمبارك ربيع، ولكن في حالة كان لديكم تعليق او اقتراح بخصوص المعلومات المذكورة بالأعلى يمكنكم اضافة تعليق وسوف نسعى جاهدين للرد عليكم.