شرح قصة في القطار لمحمد تيمور؟

شرح قصة في القطار لمحمد تيمور؟

شرح قصة في القطار لمحمد تيمور، هو ما نسعى الى التكلم عنه اليوم بشكل مختلف وعميق من اجل الوصول إلى أكثر استفادة لزوار موقعنا الكرام.

 

شرح قصة في القطار لمحمد تيمور:

قصة في القطار – محمود تيمور
ان قصة “في القطار” اعتبرت لدى كثير من النقاد والباحثين بداية التأريخ الفعلي لفن “القصة القصيرة”. وهذه القيمة الدلالية لها اعتبارها في ميزان الدرس النقدي ؛ حينما نتحدث عن رائد هذا الفن، في العالم العربي؛ باحثين هن بذور التشكيل الفني لهذا البناء المعماري المحدث، فمحمد مندور الذي توفي يافعا عام(1921) قبل أن تمنحه الحياة فرصة استكمال الدور الذي بدأه، يستحق هذه الوقفة التأريخية، لدراسة نشأة وتطور القصة القصيرة ، باعتباره نقطة انطلاق لهذا الفن الجديد .
مثلت هذه القصة جانبا واقعيا اجتماعيا فكريا- وإن كنا نرفض اعتبار هذه القصة أنموذجا للأدب الواقعي،حيث إن كل الأعمال الأدبية لها صلة بالواقع وليست كلها واقعية، بل إن القصة احتملت ظواهر رومانسية جعلتها – كما سيتضح- اقرب إلى هذا المدرسة الرومانتيكية – في فترة زمنية تحولية؛ تمثلت في معركة التنوير ضد مخلفات الجهل والتسلط،وعقلية” الباشوية “السلطوية، التي لا تنظر إلى ما سواها من منظور إنساني، باعتبار الفلاحين جنسا بشريا مشابها ، بل وفق اعتبارات طبقية قسمت الناس إلى فسطاطين:أسياد وعبيد، وهي قسمة عادلة في نظر الأسياد، غير قابلة للكسر والتغيير، جائرة تقتضي ثورة وإصلاحا في نظر الفقراء المتنورين.
ملامح حديثة: أول ملمح حديث في هذه القصة هو العنوان ؛ فهو بتركيبته الثنائية يشكل نجاحا إبداعيا في الاختيار؛ حيث الاختصار والدقة والإثارة الفضول والاهتمام .
العنوان ” شبه الجملة ” تركيب جزئي، يشكل معنى مبتورا يثير فضول القارئ ؛ وكأن معنى محذوفا يستدعى ضمن إشعاعاته .
الإطار الفني:
يمثل الإطار الفني قاعدة انطلاق إستراتيجية أو غرفة تشكيل هندسي أولية ، لبدء عملية الرسم والنسج والبناء للشخوص والسرد والحدث ، وما تبقى من عناصر القص.
فهو ا- أي الإطار – يعمل مع العنوان ، كمفتاح معرفي لولوج عالم القص الحكائي المتوقع، والتعرف على تفصيلات الخطاب السردي المشكل لبنية القص . .
فإذا كان العنوان بتركيبته الثنائية” في القطار” قد كشف عن إمكانية تأويلية يتحرك من خلالها الحدث في إطاره الظرفي ” في القطار ” الذي يشكل القطار قيمة مكانية ثابتة له، بينما يدل حرف الجر “في” على متعلقات زمانية من خلال مجريات الحدث التي تستجيب لسؤال افتراضي مؤداه : ماذا جرىفان الإطار يمهد الحلبة ويعدها بما يناسب فصول العرض التي ستتشكل منها الأحداث، وترسم في ساحاتها الشخصيات.
وهنا، تتجلى القيمة المكانية عند تناول مواصفات مكانية يجمد معها الزمن الحكائي، بينما يتحرك الزمن مع تقدم الفعل السردي؛ ليقود عملية القص.
فالإطار الفني الوصفي الذي شكل فاتحة إبداعية، لعبت لغة الأديب دورا بارزا فيها،فقد عمل بشكل واضح على بناء المناخ المناسب لتتشكل الأحداث وفق رؤية الكاتب ، وتبنى الشخصيات على عينة ،ويسير الحدث من خلال عملية السرد كما خطط له، منسجما مع الجو العام للقصة الذي فرضه الإطار الفني.وهو إطار منسجم مع القيم الفنية والمضمونية للقصة؛حيث لعبت المفارقة التصويرية دورها، حين كان الصباح ناصع الجبين، بينما البطل مكتئبا حزينا.
• هذه اللوحة الفنية البديعة،التي أغرق صاحبها في استعمال الأصباغ البيانية،كشفت عن ملامح رومانسية طريفة، تمثلت في تلك المشاهد الطبيعية من نحو،دون تعليل ،وفي بروز صورة السارد صورة فردية ؛وكأنه يريد أن يلفت نظرنا إلى مشكلته الخاصة .
أما لقيمة الرمزية لكلمة “موسيه” الشاعر الفرنسي الرومانسي الشهير- التي وردت في ثنايا هذه المقدمة ؛ فهي تأكيد أخر على رومانسية النص: هذا الشاعر الذي يقول :الألم العظيم يصنع النبوغ العظيم ” يشكل انطلاقة رومانسية في بناء شخصية السارد، ولعل القصة تشرح من خلال المعاناة ذلك النبوغ الذي أراد أن يمثله الكاتب في صورة المثقف..
أما الملمح الثالث من ملامح الرومانسية فقد تمثل في تلك العبارة”وقفت مفكرا ثم اهتديت للسفر ترويحا للنفس. أما معركته مع الزمن فهي دلالة أخرى على عدم القدرة على التكيف ،وهذا ملمح رومانسي رابع .
    رسم الشخصيات:
استخدم القاص ضمير المتكلم في عملية السرد ؛ مما أعطاه القدرة الكاملة على رسم شخصية السارد البطل بموضوعية لتتداخل هذه الشخصية مع شخصيتي الكاتب والراوي .
ثم بدأ يرسم باقي شخصيات القصة، متدخلا في تشكيلها؛ لتوافق رؤاه الفكرية والسياسية والاجتماعية ؛فنجد- مثلا – شخصية الشيخ بشكله الأسمر النحيف أنموذجا لشخصية لا ود لها، كسولة ” لم تستيقظ” لا تتمتع بأدنى مستويات اللياقة والحكمة” خلع مركوبه الأحمر ” وإنما فعل ذلك ليحدث في نفسية القارئ عملية انزياح وجداني ضد هذه الشخصية .وسنرى في ثنايا النص أن هذه الشخصية لعبت دورا سلبيا جعلها ضمن منظومة القيم المتخلفة التي أراد القاص نقدها.
هذه الشخصية تمثل أنموذجا من نماذج منظومة القيم المسيطرة أو القديمة المتخلفة، وهي منظومة ضمت الأغلبية بين شخوص القصة الست،فبالإضافة إلى الشيخ نجد – ضمن هذه المنظومة- شخصية الشركسي، والأفندي والعمدة. أربع شخصيات ظلامية متسلطة رسمها رسما كاريكاتيريا؛ فتارة يضخم الجثة ويطيل الشارب -كما في شخصية العمدة- وطورا يكشف عن المفارقة التصويرية بين الشكل الخارجي الجذاب ، والجوهر الداخلي القبيح- كما في شخصية الافندي – أما منظومة القيم الحديثة؛ فقد تمثلت في شخصيتين فقط :السارد المثقف ، والطالب المثقف ، وهذا الأخير يتفق مع السارد بتأثره بالغرب، فهو يقرأ الأدب الفرنسي .لكن هذه الشخصية الفتية لا نمثل القوة في المجتمع وهي شخصية حيية ،وكأن القاص أراد أن يتحدث عن بزوغ الفكر التنويري لا انتصاره أو انتشاره ، وكأننا نتحدث عن بذور بدأت تنمو في تلك المرحلة .
    الحدث
الحدث هنا تشكل بتلقائية متوقعة،فرضها منطق السرد التتابعي ، الذي بني – منذ اللحظة الأولى- وفق مسار خطي مستقيم عبر رحلة القطار، -فضاء القص المكاني-بدءا بلحظة الصعود، وانتهاء بآخر محطة، ليقفل معها الخطاب السردي.
تتابع متوقع لم يكتنفه أي عنصر فجائي يشكل حبكة ساخرة ، أو تنويرا فنيا معمقا.
السرد التتابعي جعل الحدث رتيبا ومتوقعا إلى درجة حولت القصة إلى ما يشبه التقرير الإخباري ،بل إن كثيرا من تجليات الحدث تشكلت من خلال وصف الشخصيات الذي التحم مع الإطار مما قلل عنصر التشويق والتوقع .
    السرد
اعتماد السرد على الجملة الخبرية الماضية في تشكيل الحدث، متساوقا مع الزمن الحكائي ؛ جعل البناء الحكائي مسطحا ، بعيدا عن جدليات التخييل الروائي، حيث اقتربت الشخصية إلى العالم الواقعي الشكلي المنضبط، مما قلل كما قلنا، أسباب المفاجأة، وحرم المتلقي من كل أسباب المعاناة والتنقيب عن إمكانات غير محتملة لنهاية السرد، فالتقى القارئ مع الفعل “تناولت” ثم “سرت” ليسير معه – كما أراد السارد المؤلف الذي تحكم باللغة ومجريات الحدث وطريقة السرد-إلى أن استقر في غرفة من غرف القطار، ليبدأ الزمن متحركا حركة بطيئة ساعدت في بناء التطوير النفسي للشخصية الرئيسية.
    القيمة اللغوية
احتفظت اللغة بقيمتها الانسيابية ، فرق فيه التصوير، وقلت الفروق الصوتية بين الشخصيات إلا ما ندر، من مثل قول الأفندي ذو الهندام الحسن :” برافو يا أفندي ، برافو، برافو”
أما الانسيابية المتدفقة -هنا- فقد جعلت الخطاب السردي يترقرق عبر عبير النص في أريحية مؤنسة ، وتتشكل الأحداث من خللها في رتابة بديعة ، ليكتمل النص مشكلا وحدة فنية متكاملة حق لها أن تسمى قصة قصيرة .

 

ارجو ان نكون قد وضحنا كافة المعلومات والبيانات بخصوص شرح قصة في القطار لمحمد تيمور، ولكن في حالة كان لديكم تعليق او اقتراح بخصوص المعلومات المذكورة بالأعلى يمكنكم اضافة تعليق وسوف نسعى جاهدين للرد عليكم.