شرح قصيدة طحا بك قلب في الحسان طروب؟

شرح قصيدة طحا بك قلب في الحسان طروب؟

شرح قصيدة طحا بك قلب في الحسان طروب، هو ما نسعى الى التكلم عنه اليوم بشكل مختلف وعميق من اجل الوصول إلى أكثر استفادة لزوار موقعنا الكرام.

 

شرح قصيدة طحا بك قلب في الحسان طروب:

دراسة فنية لقصيدة علقمة بن عبدة ( طحا بك قلب )
الأبيات 1-15

الشاعر علقمة الفحل
هو علقمة بن عبدة ، بن النعمان التميمي ، من نجد و سادات تميم و شعرائهم المشهورين المتوفي عام 561 م .

مناسبة القصيدة :
( طحا بك قلب في الحسان طروب ) للشاعر الجاهلي علقمة بن عبدة الفحل , و التي قالها في مدح الحارث بن أبي شمر الغساني ..
جو القصيدة: قالها يمدح الحرث بن جبلة بن أبي شمر الغساني، وكان أسر أخاه شأسا، فرحل إليه يطلب فيه. وقد بدأها بالغزل والنسيب، ووصف نعمة صاحبته وحرصها على سر الزوج ورضاه ثم نعت نفسه بالتجربة، ودعا لصاحبته بالسقيا. وفي الأبيات 8-10 يعلن خبرته بالنساء، وشدة إعجابهن بالشباب والثراء. مستطردا بذلك إلى مدح الحرث، فوصف الناقة التي رحل بها إليه، وشبهها بالبقرة قد تتبعها القانص بكلابه فهي لا تألو عدوا، ووصف طريق رحلته وما اعترضه من عقاب وجهد. ثم طلب من مليكه النوال، وشكا إليه ما أصابه من خيبة الرجاء فيمن سواه من الملوك ثم نوه بمواقف الحرث في الحرب، ونعت فرسه وسلاحه وسلاح جيشه، وذكر الشؤم الذي لحق بأعدائه وما أصابهم من التقتيل والهزيمة، ثم انتقل إلى ما قصد من كلمته، أن يجعلها شفيعا في أخيه لإنقاذه من أسر الملك. ويروون أن الحرث لما سمع قوله:
*فحق لشأس من نداك ذنوب* أمر بإطلاق شأس وسائر أسرى بني تميم
الأبيات المطلوبة للدراسة :
1. طَحَا بِكَ قَلْبٌ في الحِسَانِ طَـرُوبُ … بُعَيْدَ الشَّبَابِ عَصْرَ حـانَ مَشِيـبُ
2. يُكَلِّفُنِي لَيْلَى و قـد شَـطَّ وَلْيُهـا … و عادَتْ عَـوَادٍ بيننـا و خُطُـوبُ
3. مُنَعَّمَـةٌ مـا يُسْتَطَـاعُ كِلاَمُهـا … عَلَى بَابِها مـنْ أَنْ تُـزَارَ رَقيـبُ
4. إِذَا غابَ عنها البْعلُ لم تُفش سِـرَّهُ … و تُرْضِي إِيَابَ البعلِ حيـنَ يَـؤُوبُ
5. فَلا تَعْدِلـي بَيْنـي و بَيْـنَ مُغَمَّـرٍ … قَتْكِ رَوَايَا المُزْنِ حيـنَ تَصُـوبُ
6. سَقَاكَ يَمَـانٍ ذُو حَبـيٍّ وعـارِضٍ … تَرُوحُ به جُنْـحَ العَشِـيِّ جَنُـوبُ
7. و ما أَنتَ أَمْ مـا ذِكْرُهـا رَبَعِيَّـةٍ … يُخَطُّ لهـا مـنْ ثَرْمَـدَاءَ قَلِيـبُ
8. فـإِنْ تَسْأَلونِـي بِالنِّسـاءِ فإِنَّنـي … بَصِيـرٌ بـأَدْوَاءِ النِّسَـاءِ طَبِيـبُ
9. إِذَا شاب رَأْسُ المرءِ أَو قَـلَّ مالُـهُ … فليس لـهُ مـن وُدِّهِـنَّ نَصِيـبُ
10. يُرِدْنَ ثَرَاءَ المـالِ حيـثُ عَلِمْنَـهُ … و شَرْخُ الشَّبابِ عِندهُـنَّ عَجِيـبُ
11. فَدَعْها و سَلِّ الهمَّ عنـكَ بِجَسْـرَةٍ … كَهَمِّكَ ، فيهـا بالـرِّدَافِ خَبِيـبُ
12. و عِيـسٍ بَرَيْناهـا كـأَنَّ عُيُونَهـا … قَوَارِيـرُ فـي أَدْهانِهِـنَّ نُضُـوبُ
13. إِلى الحارِثِ الوَهَّابِ أَعْلَمْتُ ناقَتِـي … لِكَلْكلهـا و القُصْرَيَيْـنِ وَجِيـبُ
14. تَتَبَّـعُ أَفْيـاءَ الظِّـلالِ عَشـيَّـةً … علـى طُـرُقٍ كأَنَّهـنَّ سُـبُـوبُ
15. و ناجِيةٍ أَفْنَـى رَكِيـبَ ضُلُوعِهـا … و حَارِكَهـا تَهَـجُّـرٌ فَــدُؤُوبُ

دراسة الأبيات دراسة فنّيّة وافية :
في الشِّعرِ الجاهليِّ – حينَ يتوافرُ رادةُ الأدبِ على دَرسِهِ- إيحاءٌ فيَّاض، وصوَرٌ تموجُ بالإحساسِ، وتَمُورُ بالدَّفق، وَفيِ هذا ردٌّ علَى من يَرمُونَ الشِّعر الجاهليِّ بالجُمُودِ والماديَّة، وبخاصَّةٍ النُّقَّاد في العصرِ الحَديث.
وَبَائيةُ علقمةَ قصيدةٌ تنتهي قافيتُها بِحرفِ الباء، وهي وَاحِدةٌ مِن القَصائِد الجِياد، وَصَفَها النَّاقدُ العظيمُ محمَّد بن سلاَّم الجُمَحيُّ في كتابِه “طبَقات فحول الشعراء” مع قصيدتين أخريين بأنهن: “روائع جياد لايفوقهن شعر”، ومما نقله صاحب “الأغاني” :”أن قريشا حين سمعت بائية علقمة الفحل قالت: إنها” سمط الدهر” والسمط هو القلادة تزين بها الحسناء.
وسبب إنشاء علقمة “البائية” أن أخًا له يُدعَى “شأسا” أسر يوم عين أباغ. وكان يوم عين أباغ هذا معركة بين ملك الشأم الحارث ابن أبي شمر الغساني، وملك الحيرة المنذر ابن ماء السماء اللخمي، في شهر يونية من سنة 554م وانتصر الحارث وقتل المنذر، فنظم علقمة هذه القصيدة يتشفع بها لدى الحارث على عادة الشعراء العرب في التماس الشفاعات عند عظماء الرجال.
تبتدئ بائية علقمة بقوله:
طحابك قلب في الحسان طروب بعيد الصبا عصر حان مشيب
فإذا علمت أن كلمة( طحا)تعني طمح ،وطحا بك قلبك في الحب ذهب بك كل مذهب، أدركت أن عاطفة مؤججة في هذا البيت الذي نال براعة الاستهلال للقصيدة، وهذه أول بادرة ترد على القائلين بجمود الشعر القديم ،ولئن اتكأ بعضهم أن الألفاظ صعبة المعنى، عالية المرتقى ،حوشية الصورة كأنما هي مومياء محنطة فإن براعة القصيدة القديمة تكمن في أنها كانت ولاتزال ذروة الكلام العربي الذي يتكلم به عامة الناس في ذلك الدهر. وعسى الصورة أن تكون غير مكتملة إلا إذا أضفنا إليها مابعدها من أبيات:
يُكلِّفني لَيلَى وقد شَطَّ وليُها وعادت عواد بيننا وخطوب
وكنايته عن المحبوبة باسم (ليلى)مندرج تحت دراسة الألفاظ وبنيويتها، والصورة وأبعادها، والعبارة وظلالها ، وانثيال الخيال(الفكرة)من بين صخور الكلمات القوية قوة الصحراء، أراد بشط وليها بعد قربها: والصورة هنا صورة الديار في قلب الصحراء تقرب حينا وتبعد، ومن حولها الصوى والآرام “ولا يزال أخو الصحراء يتلفت بقلبه إلى مكان إقامة تركه وراءه لما يشيمه من البروق، ولما يرى ويسمع من عزيف الريح وأصوات الجنان “وهاهنا الحنين إلى المكان وفيه من العاطفة ما لا يخفى.
وللمرأة في أدب الجاهلية مكانة مصونة رغم أن الشاعر يصرح بحالها، ويشبب بها ويكني عن شخصها باسم آخر له دلالته الشعورية لديه ووقعه الكيميائي في ذاته،
منعمة لايستطاع طلابها على بابها من أن تزار رقيب
والرقيب هاهنا حامي الحمى الذي به تشرف وعليه تعتمد، وهو بَعدُ الّذي زعم دعاة الشعوبية أن القصيدة القديمة خالية منه، والشاعر العربي ليس بطلا، وإنما هو يتقمص دور البطل تقمصا: والصورة ناطقة بقيمة الصون والجمال الذي يتقي سجية غير مفتعلة: صورة أخرى نجدها في سياق أبيات علقمة الجزلة، وهي صورة تشابه “روايا المزن حين تصوب” بالعشي صوبا مدرارا نافعا في الظراب والآكام ومنابت الشجر، وانصباب دموع الشاعر من فرط الصبابة:
فلا تعدلي بيني وبين مغمر سقته روايا المزن حين تصوب
سقاك يمان ذو حيي وعارض تخف به جنح العشي جنوب
” فبكا وشكا -وخاطب الربع، واستوقف الرفيق فشكا شدة الوجد وألم الفراق وفرط الصبابة “،فانظر كيف يتمم الصورة ،ويعمق المعنى ويرصفه بكلام قوله فصل .
والصور غنية من حيث موسيقاها وتطريبها مما يبعد تهمة الجمود والمادية عن القصيدة القديمة ويعطيها بعدا مفعما من التصوير الرائع ، كمشهد الآرام الراتعة، والينابيع الفائضة والغائضة تبعا للعاطفة في انقباضها وانبساطها، والنجوم الغائرة ترصع السماء في علوهما ، كل أولئك في تصوير حسي ومعنوي، وآخر لفظي يجسد الشعور الطبيعي البسيط لشخصية العربي الذي ابتعد عن التعقيد ونفر منه طبعه القويم المملوء جمالا ونخوة وإباء:
تَتَبَّـعُ أَفْيـاءَ الظِّـلالِ عَشـيَّـةً … علـى طُـرُقٍ كأَنَّهـنَّ سُـبُـوبُ
و ناجِيةٍ أَفْنَـى رَكِيـبَ ضُلُوعِهـا … و حَارِكَهـا تَهَـجُّـرٌ فَــدُؤُوبُ

نلحظ تكامل اللوحة الفنية في القصيدة من خلال تناغم الموسيقا الداخلية والخارجية للنص من حيث استخدام المحسنات البديعية كالتصريع في البيت الأول (طَـرُوبُ … مَشِيـبُ ) واستخدام الحروف الهامسة ، ليصل النص إلينا بنغم موسيقي رائع .

 

ارجو ان نكون قد وضحنا كافة المعلومات والبيانات بخصوص شرح قصيدة طحا بك قلب في الحسان طروب، ولكن في حالة كان لديكم تعليق او اقتراح بخصوص المعلومات المذكورة بالأعلى يمكنكم اضافة تعليق وسوف نسعى جاهدين للرد عليكم.