لماذا يسمى النوم موتا؟

لماذا يسمى النوم موتا، هو ما نسعى الى التكلم عنه اليوم بشكل مختلف وعميق من اجل الوصول إلى أكثر استفادة لزوار موقعنا الكرام.

 

لماذا يسمى النوم موتا:

[تسمية الله تعالى للنوم موتا]
وقد سمى الله النوم موتًا، في قوله سبحانه: ﴿ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلۡأَنفُسَ حِينَ مَوۡتِهَا وَٱلَّتِي لَمۡ تَمُتۡ فِي مَنَامِهَاۖ فَيُمۡسِكُ ٱلَّتِي قَضَىٰ عَلَيۡهَا ٱلۡمَوۡتَ وَيُرۡسِلُ ٱلۡأُخۡرَىٰٓ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمًّىۚ﴾ [الزمر: 42]. فسمى الله النوم وفاة، لأنه شقيق وفاة الآخرة، ويسمى الوفاة الصغرى. نظيره قوله: ﴿وَهُوَ ٱلَّذِي يَتَوَفَّىٰكُم بِٱلَّيۡلِ وَيَعۡلَمُ مَا جَرَحۡتُم بِٱلنَّهَارِ ثُمَّ يَبۡعَثُكُمۡ فِيهِ لِيُقۡضَىٰٓ أَجَلٞ مُّسَمّٗىۖ ثُمَّ إِلَيۡهِ مَرۡجِعُكُمۡ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ ٦٠﴾ [الأنعام: 60]. فسمى الله النوم وفاة، لكونه يهجم على الحي في حال غفلته، بحيث لا يحس بهجومه إلا وهو في عالم الأموات، ثم يشاهد في منامه من الأحوال، والأهوال، ومخاطبة الموتى، وغير ذلك، مما لا يدركه في يقظته، ومتى رأى في منامه ما يسره فرح واستبشر، واستيقظ مسرورًا بما رأى.

والرؤيا الصالحة من المبشرات، وهي ما يراها المؤمن، أو تُرى له، كما أنه إذا رأى ما يسوءه، أصبح حزينًا كئيبًا من خوف وقوع ما رأى، وهكذا أحوال الآخرة، فإن الله خلق النوم، وسماه وفاة، وجعله بمثابة الشاهد الصادق لأحوال القيامة وأهوالها، وأن قيام الناس من قبورهم، هو بمثابة قيامهم من نومهم، قال تعالى: ﴿وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ ٱلۡأَجۡدَاثِ﴾ – أي القبور- ﴿وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ ٱلۡأَجۡدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ يَنسِلُونَ ٥١ قَالُواْ يَٰوَيۡلَنَا مَنۢ بَعَثَنَا مِن مَّرۡقَدِنَاۜۗ هَٰذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَصَدَقَ ٱلۡمُرۡسَلُونَ ٥٢ إِن كَانَتۡ إِلَّا صَيۡحَةٗ وَٰحِدَةٗ فَإِذَا هُمۡ جَمِيعٞ لَّدَيۡنَا مُحۡضَرُونَ ٥٣ فَٱلۡيَوۡمَ لَا تُظۡلَمُ نَفۡسٞ شَيۡ‍ٔٗا وَلَا تُجۡزَوۡنَ إِلَّا مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ ٥٤﴾ [يس: 51-54].

فلا ينبغي للعاقل أن يستبطئ قيام الساعة، وقد جاءت أماراتها، وهي لا تأتي إلا بغتة، فبعض الناس يراها بعيدة وهي قريبة، فلأجل طول أمله، تراه يندفع إلى المخالفات؛ من ترك الطاعات والصلوات، وارتكاب المنكرات لظنه أن الآخرة متأخرة، يقول الله تعالى: ﴿بَلۡ يُرِيدُ ٱلۡإِنسَٰنُ لِيَفۡجُرَ أَمَامَهُۥ ٥ يَسۡ‍َٔلُ أَيَّانَ يَوۡمُ ٱلۡقِيَٰمَةِ ٦﴾ [القيامة: 5-6]. يقول: سأعمل ثم أتوب، وسأعمل ثم أتوب، وربما تعاجله المنية قبل تحقيق هذه الأمنية، أي قبل التوبة فيندم، حيث لا ينفعه الندم ﴿يَقُولُ يَٰلَيۡتَنِي قَدَّمۡتُ لِحَيَاتِي ٢٤﴾ [الفجر: 24].

إن الأرواح بعد مفارقتها للأجسام لا يشملها الفناء، بل تبقى منعمة أو معذبة، فقد ثبت ذلك في القرآن الحكيم، حاكيًا عن آل فرعون، وأنهم يعرضون على النار غدوًّا وعشيًّا ﴿وَيَوۡمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدۡخِلُوٓاْ ءَالَ فِرۡعَوۡنَ أَشَدَّ ٱلۡعَذَابِ ٤٦﴾ [المؤمن: 46].

وقال سبحانه في حق الشهداء: ﴿وَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمۡوَٰتَۢاۚ بَلۡ أَحۡيَآءٌ عِندَ رَبِّهِمۡ يُرۡزَقُونَ ١٦٩ فَرِحِينَ بِمَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ وَيَسۡتَبۡشِرُونَ بِٱلَّذِينَ لَمۡ يَلۡحَقُواْ بِهِم مِّنۡ خَلۡفِهِمۡ أَلَّا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ ١٧٠﴾ [آل عمران: 196-197]. وهذه حياة أرواح برزخية لا يعلم كيفيتها إلا الله تعالى. وأخبر النبي ﷺ: أن أرواح الشهداء في أجواف طير خضر، ترد أنهار الجنة، وتأكل من ثمارها. وثبت لأرواح المؤمنين الصالحين مثل ذلك، فالأرواح بعد موتها باقية: إما أن تنعم، أو تعذب.

ومثله اجتماع النبي ﷺ ليلة الإسراء بالأنبياء في منازلهم من السماء، وصلاته بهم، وما ذاك إلا بأرواحهم. ولعلهم تشكلوا له بصورهم في الدنيا، حيث رأى نبي اللهِ يوسفَ، وقد أُعطي شطر الحسن، ومثله المراجعة الواقعة بينه وبين موسى عليه السلام، وما ذاك التخاطب إلا بالأرواح، وإلا فمن المعلوم أن الأنبياء كلهم قد ماتوا، ودفنوا بالأرض، ما عدا عيسى عليه الصلاة والسلام.

أما الإسراء بالنبي ﷺ، وكذا المعراج، فإنه بروحه وجسده على القول الصحيح، وحمل اللفظ على حقيقته، إذ المقام مقام معجزة، لأن الله تعالى افتتحها بقوله: ﴿سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِيٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلٗا مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا ٱلَّذِي بَٰرَكۡنَا حَوۡلَهُۥ لِنُرِيَهُۥ مِنۡ ءَايَٰتِنَآۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ ١﴾ [الإسراء: 1]. وكان من هدي النبي ﷺ أنه إذا استعظم شيئًا، إما سبح، أو كبر تأسيًا بالقرآن.

إنه ما بين أن يرى مقدمات الآخرة، والمجازاة على عمله، إلا أن يقال: فلان قد مات. وما أقرب الحياة من الممات، وكل ما هو آت آت.

وثبت في صحيح مسلم أن النبي ﷺ قال: «يؤتى بأنعم الناس في الدنيا -أي المنعمين المترفين، التاركين للطاعات، والمستحلين لفعل المنكرات- فيصبغ في النار صبغة، ثم يقال له: هل رأيت خيرًا قط هل مرّ بك نعيم قط فيقول: لا يا رب. فينسى نعيم الدنيا ولذاتها عند أدنى مس من العذاب، ثم يقال له: كم لبثت في الدنيا فيقول: لبثت يومًا أو بعض يوم. فيقال له: بئس ما اتجرت في يوم أو بعض يوم. ويؤتى بأشد الناس بؤسًا في الدنيا -من المؤمنين المعذبين، ومن الفقراء والمساكين- فيصبغ في الجنة صبغة، ثم يقال له: هل رأيت في الدنيا بؤسًا قط وهل مرّ بك بؤس قط فيقول: لا يا رب. فينسى بؤس الدنيا وعذابها، ويقال له: كم لبثت في الدنيا فيقول: لبثت يومًا أو بعض يوم. فيقال له: نعم ما اتجرت في يوم أو بعض يوم».

 

ارجو ان نكون قد وضحنا كافة المعلومات والبيانات بخصوص لماذا يسمى النوم موتا، ولكن في حالة كان لديكم تعليق او اقتراح بخصوص المعلومات المذكورة بالأعلى يمكنكم اضافة تعليق وسوف نسعى جاهدين للرد عليكم.