هل يجوز غلي الماء المعقم بالاوزون؟

هل يجوز غلي الماء المعقم بالاوزون؟

هل يجوز غلي الماء المعقم بالاوزون، هو ما نسعى الى التكلم عنه اليوم بشكل مختلف وعميق من اجل الوصول إلى أكثر استفادة لزوار موقعنا الكرام.

 

هل يجوز غلي الماء المعقم بالاوزون:

في أواخر السنة قبل الماضية 2013 صدر تقرير عن مجلس الشورى السعودي أثار قلق الأغلبية من المواطنين. كان الخبر نتيجة دراسة أفضت إلى أن ثلثي المياه المعلبة في السعودية تقريبا تحتوي على مادة “البرومات” المسرطنة Bromate. المثير للقلق أن التقرير قد صدر بعد انتشار أخبار عن إقفال بعض مصانع المياه المعلبة لاحتوائها على ذات المادة. بل نشر أحد المصانع الوطنية خبرا يفيد بسحب مياهها من السوق لوجود مادة البرومات فيها. بالطبع لم يذكر هذا المصنع كيف سيزيل هذه المادة من مياهه في المستقبل! للمتابعين للشأن المائي، لم يكن هذا الخبر غريبا، فقبل بضع سنوات فقط تعرضت شركة كوكا كولا العملاقة إلى إحراج بالغ في بريطانيا عندما تم الكشف عن وجود مادة البرومات في مياهها التي تحمل ماركة “داساني”. اضطرت بعدها شركة كوكا كولا إلى سحب أكثر من نصف مليون علبة من الأسواق. أثار التقرير ومن قبله هذه الأخبار عديدا من الأسئلة كردة فعل طبيعية في الوسط السعودي. كيف يمكن أن يكون الماء ـــ وهو مصدر الحياة وعمادها ـــ قاتلا وكيف تكونت أو تسربت هذه المادة ـــ البرومات ـــ إلى مياهنا وما هذه المادة أصلا ذكرنا سابقا بدايات تعقيم المياه وكيف أن العالم بأجمعه بدأ في استخدام الكلور معتقدا أنه الحل السحري للقضاء على الميكروبات في الماء. كان الكلور بالفعل ـــ ولا يزال ــــ معقما ممتازا لكن خطورته تكمن في استخدامه مع المياه الغنية بالمواد العضوية كمياه الأنهار والبحار لأن هذا من شأنه تكوين مواد “تي إتش إم” المسرطنة. مع اكتشاف هذه الحقيقة في عام 1969، بدأ البحث عن معقم آخر، وكان الخيار هذه المرة هو الأوزون. الأوزون ما هو إلا جزيء أوكسجين “الذي يحتوي ذرتي أوكسجين” أضيفت لهما ذرة ثالثة نتيجة تيار كهربائي عالٍ “أي أنه يحتوي على ثلاث ذرات أوكسجين”. ولهذا يوجد بكثافة في الهواء عند وجود البرق والصواعق حيث يتم هذا التفاعل الكهروكيماوي. ومن العجائب، أن أكبر مولد للأوزون على الكوكب هو صواعق نهر كاتاتومبو “تعرف أيضا بصواعق بحيرة ماراكيبو”. هذه الظاهرة العجيبة هي صواعق كهربائية تستمر ما بين أربعة إلى خمسة أشهر في السنة وتضرب منطقة محددة وهي التقاء نهر كاتاتومبو ببحيرة ماراكيبو في فنزويلا لتنتج أكبر كمية أوزون طبيعي. وكالعادة كان للهولنديين قصب السبق في اكتشاف آخر في مجال المياه فكانوا أول من اكتشف الأوزون وأول من أنشأ معملا للأوزون لتعقيم المياه. ففي عام 1785 أصبح الكيماوي الهولندي “مارتينوس فان ماروم” أول من لاحظ وجود الأوزون بعد تفاعل كهروكيماوي من خلال رائحته المميزة، لكنه لم يعلم ماهية هذه المادة ولهذا سماها “رائحة الكهرباء”. لكن العالم الألماني كريستيان شونيين يعد أول من أثبت وجود الأوزون من خلال تجربة علمية في عام 1840. وجريا على العادة المتبعة عند العلماء والكيماويين ـــ لغياب الحس الفني ربما ــــ تمت تسمية العنصر الجديد بناء على إحدى صفاته الظاهرة. كان لهذا الغاز الجديد رائحة نفاذة ومميزة، ولذلك سمي بالأوزون ـــ وهو مشتق من الاسم الإغريقي أوزين ويعني ببساطة، الرائحة. “اسم الكلور ـــ المعقم الآخر ـــ مشتق من الإغريقية ويعني اللون الأخضر المائل للصفرة”. بدأ العالم بالتعرف على الأوزون كمعقم رائع وسهل الاستخدام. الحقيقة التاريخية هي أن استخدام الأوزون كمعقم للمياه كان قد سبق استخدام الكلور في بدايات القرن العشرين لكنه لم يستمر طويلا. ومع ظهور مواد الـ “تي إتش إم” المسرطنة نتيجة استخدام الكلور، بدأ الجميع في العودة إلى الأوزون كمعقم للماء. لم يكن الأوزون حلا سحريا، فقد كانت له أخطاره أيضا. فكما أن الكلور ينتج مواد مسرطنة “تي إتش إم” عند وجود مواد عضوية في الماء، فكذلك الأوزون ينتج ــــ عبر سلسلة تفاعلات معقدة ـــ مادة مسرطنة “البرومات” عند وجود عنصر معين في المياه وهو البرومين. أي أن البرومين هو كعب أخيل الأوزون. وهذا ما حدث في مياه الشرب المحلية في المملكة العربية السعودية، فيبدو لي أن هذه المياه الجوفية تحتوي على نسب عالية من مادة البرومين ـــ غير الضارة التي توجد في الأغلب في مياه البحر أكثر من المياه الجوفية أو السطحية ـــ ولكن عند استخدام الأوزون في التعقيم تتحول البرومين إلى برومات ــــ وهي مادة مسرطنة محتملة. يبدو الحل سهلا من الناحية العلمية، فأمام شركات المياه ثلاثة حلول: ـــ البحث عن مياه جوفية أخرى لا تحوي مادة البرومين أو ـــ إزالة مادة البرومين قبل التعقيم عن طريق أغشية التناضح العكسي مثلا أو ـــ استخدام معقم آخر غير الأوزون لا يتسبب في تكوين لمركب البرومات الضار. لكن يبدو أن “بعض” المصانع ارتأت اختيار حل رابع سهل جدا ولم يخطر لي على بال وهو ببساطة إزالة جملة “معقم بالأوزون” من على العلبة! كانت هذه المقالة خاتمة سلسلة مصغرة عن تاريخ تعقيم المياه. رأينا كيف بدأ من الحضارات البائدة التي كانت تقوم بتسخين الماء وغليه ـــ من غير إدراك ربما لوجود الميكروبات ــــ في حين كانت حضارات أخرى كالفرعونية تستخدم الفضة ــــ وهو ما لم أجد له تفسيرا سوى أنهم كانوا على علم بقدرة أيونات الفضة على إزالة الميكروبات!. ثم عرجنا على عصر “النهضة” وبداية فهم انتقال الأمراض وأهمية التعقيم. وأخيرا العصر الحالي وإسهامات الهولنديين في التعقيم بالكلور ثم بالأوزون ثم بدونهما.

 

ارجو ان نكون قد وضحنا كافة المعلومات والبيانات بخصوص هل يجوز غلي الماء المعقم بالاوزون، ولكن في حالة كان لديكم تعليق او اقتراح بخصوص المعلومات المذكورة بالأعلى يمكنكم اضافة تعليق وسوف نسعى جاهدين للرد عليكم.