شرح قصيدة زدني بفرطِ الحبِّ فيكَ تحيُّراً؟

تطبيق منصة تعلم

شرح قصيدة زدني بفرطِ الحبِّ فيكَ تحيُّراً، هو ما نسعى الى التكلم عنه اليوم بشكل مختلف وعميق من اجل الوصول إلى أكثر استفادة لزوار موقعنا الكرام.

 

شرح قصيدة زدني بفرطِ الحبِّ فيكَ تحيُّراً:

الشرح :

القصيدة

زدني بفرطِ الحبِّ فيكَ تحيُّراً … وارحمْ حشى ً بلظي هواكَ تسعَّراً  
وإذا سألتكَ أنْ أراكَ حقيقة ً …  فاسمَحْ، ولا تجعلْ جوابي:لن تَرَى
يا قلبُ!أنتَ وعدتَني في حُبّهمْ … صبراً فحاذرْ أنْ تضيقَ وتضجرا
إنّ الغَرامَ هوَ الحَياة ، فَمُتْ بِهِ … صَبّاً، فحقّكَ أن تَموتَ، وتُعذَرَا  
قُل لِلّذِينَ تقدّمُوا قَبْلي، ومَن …  بَعْدي، ومَن أضحى لأشجاني يَرَى ؛  
عني خذوا، وبيَ اقْتدوا، وليَ اسْمعوا، … وتحدَّثوا بصبابتي بينَ الورى
ولقدْ خلوتُ معَ الحبيبِ وبيننا …  سِرٌّ أرَقّ مِنَ النّسيمِ، إذا سرَى
وأباحَ طرفي نظرة ً أمَّلتهـــا …  فغدوتُ معروفاً وكنتُ منكَّراً
فدهشتُ بينَ جمالهِ وجـلالهِ … وغدا لسانُ الحالِ عني مخبراً  
فأدِرْ لِحاظَكَ في مَحاسِن وَجْهِهِ، … تَلْقَى جَميعَ الحُسْنِ، فيهِ، مُصَوَّرا  
لوْ أنّ كُلّ الحُسْنِ يكمُلُ صُورَة ً، …  ورآهُ كانَ مهلَّلاً ومكبَّراً

                        القراءة السياقية للنص
* المستوى المعرفي:

حول الشاعر:

هو “أبو القاسم عمر بن أبى الحسن على بن المرشد بن على الفارض” الحموى الأصل، والمصرى النشأة والمقام والوفاة، ولد فى القاهرة عام 576 هـ – 1181 م؛ ومن هنا نلاحظ أمرين شديدى الأهمية ألا وهما:

 الأول: أن ابن الفارض قد عاصر الأحداث المجيدة التى حققها الأيوبيون؛ فقد ترعرع فى أيام صعود نجم القائد البطل صلاح الدين الأيوبى إلى ذروة مجده ،وعاش فى ظل السلطان الملك الكامل فى مصر وتوفى قبل سقوط الدولة الأيوبية على أيدى المماليك بعدة سنين حيث توفى سنة 632 هـ – 1235 م

والثانى: أن ابن الفارض قد ولد فى في القرن السابع الهجري، وهو القرن المعروف تاريخياً بالقرن الذهبي للتصوف الإسلامي، إذ أن التصوف وصل فيه إلى قمة  التعبير عن نفسه في مختلف نشاطه عملاً وفكراً. والواقع أن هذه الحقبة كما يشير المؤرخون ظهر فيها أساطين وأقطاب التصوف الإسلامي عبر عصوره، ومنهم عبد القادر الجيلاني، ومحي الدين بن عربي، وأبي حفص السهروردي، وشهاب الدين السهروردي، وجلال الدين الرومي، وفريد الدين العطار، ويونس إمري،  وشاعرنا الصوفي الكبير عمر بن الفارض.
وفي هذا القرن الاستثنائي في تاريخ التصوف اتخذ التصوف الإسلامي ملامح جديدة ومغايرة للقرون السابقة، فأصبح للتصوف بعد نظري واضح وعميق عما كان عليه من قبل، وفي هذا القرن انفتح التصوف الإسلامي على تجارب ثقافية ومعرفية متميزة ومتباينة أيضاً، فتأثر بكثير من التيارات الفكرية والدينية المنتشرة في ذلك الزمان، ولقد تأثر التصوف الإسلامي جد التأثر في هذا القرن بالتيارات الإيرانية الدينية لاسيما التي عرفت بحكمة الإشراق. ولا شك أن هذه التيارات المختلفة استطاعت أن تكسب التجربة الصوفية المعرفية أنماطاً معرفية جديدة وعمقاً وسعة وشمولية في التفكير لم يعرفها من قبل على حد توصيف المستشرقين بذلك. وفي هذا القرن وجدنا التصوف الإسلامي يطلق العنان لتجاربه والتي تجسدت في ميادين أخرى غير التأليف النثري وبيان الأحوال والمقامات، مثل الشعر والموسيقى والفن المعماري.ولقد أطلق على هذا العصر لقب عصر التصوف الفلسفي.

بدأ الشاعر سياحته الصوفية مبكرا تحت إشراف أبيه حيث كان يتردد على وادى المستضعفين بالمقطم، ثم كان يعود إلى أبيه الذى يلزم ابنه بالجلوس معه فى مجالس الحكم ومدارس العلم وهكذا تعلم “ابن الفارض” الحديث على يدى واحد من كبار المحدثين فى عصره وهو العلامة الشافعى “أبو محمد القاسم بن على بن عساكر الدمشقى” فانتمى الى المذهب الشافعى
وبإشارة أحد الأولياء المتجولين رحل ابن الفارض إلى مكة فعاش فى جوارها فترة من حياته وفقا لما صارت عليه العادة عند الصوفية طالبا فى رحابها الفيض الإلهى الذى لم يفض عليه ولم يفتح به فى ديار مصر فقد عاش بين أودية مكة قرابة خمس عشرة سنة يرجح مابين 613 هـ – 1216 وسنة 628 هـ – 1231 وفى أشعاره إشارات عديدة ملية بحنين وشوق إلى ذلك الوقت السعيد كما ورد فى داليته

                                      ياسجيرى روح بمكة روحى … شاديا إن رغبت فى إسعادى

وبعد رجوعه إلى مصر لم يعمر طويلا فقد توفى بعد ذلك بأربع سنوات 632 هـ – 1235 م فدفن بالقرافة بسفح جبل المقطم عند مجرى السيل تحت المسجد المعروف بالعارض ، وليس له سوى ديوان واحد يحتوى على ست عشرة قصيدة ولم يعثر له على أية رسالة أو كتاب صغير يمكن أن نتلمس آثار تلك التجربة والرحلة الروحية توضح لنا مذهبه واتجاهه الصوفي، ورغم ذلك يظل أرق من تحدث عن العشق الإلهي.

حول النص

1- مصدر النص :

تعتبر قصيدة “زدنى بفرط الحب فيك تحيرا” إحدى قصائد ديوان “ابن الفارض”  والذى يحتوى على ست عشرة قصيدة، وهو الكتاب والديوان الوحيد الذى جمع فيه “ابن الفارض” تجربته الصوفية ومع ذلك يمثل هذا الديوان تجربة من أروع وأجمل تجارب الحب الإلهى فى التصوف الإسلامى، وأصبح علامة بارزة فى شعر التصوف الإسلامى

-2 نوع النص : يندرج النص فنيا تحت القصيدة العربية الكلاسيكية التى تلتزم وزنا واحدا وقافية واحدة

-3 موضوع النص : يندرج النص من حيث الموضوع حول العشق الإلهى، وهو غرض انفرد به الشعر الصوفى؛ فهو غرض جديد مستحدث عند أهل التصوف والمحبة، ونلحظ فى قصيدتنا أنها جاءت تجربة واحدة دفقة شعورية واحدة ألمح فيها سلطان العاشقين لحالة وجد يعيشها فى مقام محدد ولم تتعد الأغراض فيها بل تسير فى منظومة فكرية ووجدانية محددة الأركان والأهداف.

* مستوى الفهم:

– قراءة في عنوان النص :

اعتاد الشعراء القدامى وجرت العادة على  عدم إطلاق عناوين لقصائدهم، لذلك سيكون مدخلنا للقصيدة هو شطرالبيت الأول منها باعتباره عتبة النص .. يبدأ الشاعر قصيدته قائلا:
                                                   زدنى بفرط الحب فيك تحيرا

على مستوى البنية :

فنجد أن عتبة النص هى جملة فعلية، وللجملة الفعلية دلالة على الاستمرار، ونجد أن الفعل هنا هو فعل الأمر وجاء هنا غرضه الالتماس والدعاء، كما أن لفعل الأمر خاصية عجيبة وغريبة وهى أن فاعله ضمير مستتر وجوبا فيه فالفعل قائم بفاعله لامنفصل عنه، كما ان الفعل “زدنى” له من الدلالة المعجمية مايدل على الزيادة والوفرة التى لاتنضب أبدا، كما نلحظ أن الشاعر استخدم فعلا متعديا لمفعولين وهذا دليل آخر على دلالة الفعل على الزيادة والوفرة، فالشاعر يلتمس الزيادة والوفرة من الله عز وجل زيادة ليست بالحب بل بفرط الحب وهو أعلى مقاما وإشراقا، وجاء المفعول الأول وهو ياء المتكلم التى تعود على الشاعر للتعلق بالفعل كأن روح الشاعر ونفسه تتعلق بطلبه بالزيادة فى فرط المحبة، ففى رأيى الشخصى أرى فى رسم حرف الياء وتعلقه بالفعل كأن الشاعر يقف أمامى متعلقا وممسكا برجائه وأمله والتماسه فى أن يقبل الله عز وجل دعوته وتسبق الياء مانسميه فى النحو بنون الوقاية وهى هنا لها من المعانى والدلالات مالها من معان روحانية وفيوضات ربانية تحتاج إلى مجلدات ومجلدات للحديث عنها، ليكون المفعول الثانى تحيرا ولكن كيف سيصل الشاعر للحيرة، الحيرة عند أهل التصوف هى مقام كبير يحتاج من الصبر والقوة الروحية عند القوم ما يحتاج سيأتى الحديث عنه فى حينه، ولكن يجب أن تعلم أيها الحبيب المحب المحبوب أن الحيرة لاتكون بالحب بل بفرط الحب لذلك سمى مولانا ابن الفارض بسلطان العاشقين، ولاتكون بالعلم بل بفرط العلم ولذلك سمى مولانا ابن عربى بسلطان العارفين … ولكن كيف سيزاد الشاعر تحيرا ، فطلب هو ودعا وقال بفرط الحب ثم قدم الجار والمجرور على المفعول الثانى للدلالة على التخصيص ولتأكيد أنه لايريد سوى فرط الحب فى ذلك المقام ولكن فرط الحب لمن وفى من فنجده قدم جارا ومجرورا اخر وهو فيك لجعل الأمر أكثر تأكيدا وأكثر تخصيصا بأنه لايريد سوى محبة الله عزوجل بل الفرط فيها … واعلم أن الحب رزق وحب الله رزق فإن رزقك إياه فلاتفرط فيه بل قل “زدنى بفرط الحب فيك تحيرا”

 على مستوى الدلالة :

تتوزع العناصر المشكلة للعنوان وفق نموذج تواصلي , يكشف على مدى حرص الشاعر لتعميق هذا النموذج وجعل القصيدة برمتها تتحرك في نطاقه . وتتضح معالم هذه الإرسالية كالآتي :
المرسل ـــــــــــ موضوع الرسالة ــــــــــــ المرسل إليه
الشاعر ـــــــــــ قصيدة حب ــــــــــــ الله
وتوحي هذه الدلالة التواصلية بمدى حاجة الشاعر إلى تعميق الارتباط بالله عز وجل على المستوى الشعوري (حب) و ( فرط الحب ) وعن طريق الكتابة قصيدة

 الوحدات الدلالية للنص :

– الوحدات الدلالية للنص :

– المقطع الأول:التوجه إلى الله عز وجل بالتماس الدعاء والطلب.
– المقطع الثاني :التوجه إلى القلب والحديث معه وسلوانه.
– المقطع الثالث :ثم العودة إلى تذكر خلواته وماكان يجد فيها من طيب أنس بحبيبه وماكان يفتح عليه به من أسراره وفيوضاته ورحماته  .
– المقطع الرابع :ثم يعود ويخاطب القلب مرة أخرى ويطلب منه التماس محاسن محبوبه ويختم القصيدة بحكمة من أروع الحكم  .

– بؤرة النص :

يؤكد الشاعر على أن حبه لله عز وجل طغا على كل شئ فيه وأنه يستلذ بهذا بل يطلب منه الزيادة فيه ويطلب من قلبه الصبر فللشاعر هنا حنين وشوق كبيرين لنسبه الأصلى المتجلى فى قوله تعالى “ونفخت فيه من روحى”

أسئلة الافتراضات :

– كيف ينقل النصُّ الشعريُّ هذه التجربة وهذا الحب ليغدو عالما ً آخر يؤثر في المتلقي تأثيرا فكريّاً وسلوكيّاً
هل يصنع الحب الالهى ضمن هذا التوصيف الشعر أم أن الشعر هو خالقُ تلك التجربة
وهل ثمّة َ علاقة بين النصّ الشعري والحب الالهى
 إلى أي حد يمثل النص الاتجاه الشعري الذي ينتمي إليه هل وفق الشاعر في صياغة تجربته صياغة أدبية أم أنه كما قال النفرى “كلما اتسعت الرؤية، ضاقت العبارة.”

 

ارجو ان نكون قد وضحنا كافة المعلومات والبيانات بخصوص شرح قصيدة زدني بفرطِ الحبِّ فيكَ تحيُّراً، ولكن في حالة كان لديكم تعليق او اقتراح بخصوص المعلومات المذكورة بالأعلى يمكنكم اضافة تعليق وسوف نسعى جاهدين للرد عليكم.